منتديات متخصص - كل الأقسام

استشارات تربوية من من عمر يوم إلى عمر سنة (5)

استشارات تربوية من من عمر يوم إلى عمر سنة (5)
 
 
س/ أنا أب لطفلة عمرها 8 أشهر، وهي أول طفلة لي.. مشكلتي هي كثرة بكائها وتعلقها المفرط بأمها، وقد تفاقمت هذه المشكلة بعد أن خضعت طفلتي إلى عملية جراحية في  فمها في شهرها السابع، والآن تصحو من النوم وهي تبكي، وقلنا
بأن هذا ردة فعل من المستشفى ومن العملية.
لذلك كنا شديدي الاهتمام بها، لكن دون جدوى؛ فهي تبكي تقريبًا في كل حالاتها،
خصوصًا عندما تتركها والدتها عندها تصرخ بصورة مؤلمة وكأن شيئًا يؤلمها، مع أنها من الناحية الصحية والحمد لله لا تشكو من شيء.
وفي إحدى المرات سمعنا من أحد أقاربنا الأكبر منا سنًّا أن تركها لكي لا تتعود
على هذا الدلال هو الحل، وفعلاً تركناها تبكي في فراشها دون أن نحملها فاستمرت بالبكاء الجنوني حوالي نصف ساعة وأخيرًا تعبت ونامت، وحاولنا بهذه الطريقة مرتين أو ثلاثة لكن إصرارها على البكاء الشديد ساور الشك في نفوسنا من جدوى هذه الطريقة. فما الطريقة التربوية النفسية لحل هذه المشكلة؟


من الطبيعي أن يكثر بكاء الطفلة في الشهور الأولى من العمر، وأن يكون ارتباطها
بوالدتها شديدًا، ثم يتحسن الأمر تدريجيًّا، سواء من ناحية البكاء، فتبدأ
الطفلة تتعلم كيف تعبر عما تريد دون البكاء، وكذلك تبدأ في التعود على اللعب
أو البقاء بمفردها بعض الوقت بعيدًا عن الأم، ولكن هذا يعتمد على تعويدنا
الطفلة على ذلك.
بمعنى أن الأم تبدأ في ترك الطفلة تلعب في غرفتها وتقوم هي لأداء أعمالها في
المنزل بعض الوقت وبالتدريج تعتاد الطفلة على ذلك، وكذلك يمكن أن تحاول تركه
مع الوالد أو الجدة وتنزل لقضاء بعض المهام، وهكذا يبدأ دخول أشخاص آخرين فى هذه الدائرة التي كانت تقتصر على الأم وهي دائرة الارتباط النفسي والعاطفي
الشديد، ولكن طبعًا تظل الأم لها المكانة المفضلة.
ولكن إذا لم نحاول مطلقًا تعويد الطفلة على أي شخص غير الأم فلا نتوقع من
الطفلة أن تقلل هي من نفسها ارتباطها الطبيعي والقوي بالأم.
وطبعًا لم توضح الرسالة طبيعة وسبب العملية التي أجريت لها، ولكن ربما بسبب
هذه الحالة المرضية التي كانت تعاني منها آية كان اهتمام الأم والأب شديدا
بها، وكانت هي تبكي كثيرًا ربما من الألم وربما لأسباب أخرى؛ فبعض الأطفال
يبكون كثيرًا دونما سبب واضح خلال السنة والنصف أو السنتين الأوليين، ولكن
النتيجة أنها كانت تحظى باهتمام كبير وحرص عليها وعلى عدم بكائها كثيرًا طوال
فترة مرضها والعملية.
ولهذا فقد اعتادت هي على البكاء كثيرًا وعلى الاهتمام والقرب الشديد من
والدتها بها، ومن غير الطبيعي أن نتوقع منها أنها من نفسها سوف تتفهم أن
العملية انتهت وأن حالتها الصحية أصبحت ممتازة فلا داعي للبكاء.
فهذا ليس من منطق الأطفال، ولكننا نتعامل مع الواقع الآن، وهو أن آية اعتادت
على كثرة البكاء والارتباط بوالدتها وليس الحل هو تركها تبكي؛ لأن هذا يعطيها
إحساسًا بعدم اهتمامنا بها وإهمالها، ولكننا نريد تعويدها بهدوء وصبر على عدم
البكاء وذلك بمحاولة البحث في كل مرة عن سبب بكائها أو إلهائها عن البكاء إذا
لم نجد سببًا.
بمعنى أن تحاول الأم اللعب معها أو الغناء لها أو إعطاءها شيئًا تلهو به أو
تشغل لها شريط كاسيت أغاني أطفال أو شريط فيديو أو تخرج بها إلى الشرفة، وأن تكثر التنزه بها وإخراجها في جو اجتماعي به أطفال آخرون حتى لا يظل عالمها كله هو البيت والأم والأب فقط؛ فالأطفال في هذه السن تتسع مداركهم ويملون البقاء في البيت، وهذا في حد ذاته ممكن أن يكون سبب بكائها.
أما ارتباطها بالأم فهو يكاد يكون طبيعيًّا وصحيًّا، ولكننا سنحاول أيضًا أن
نعودها عدم البكاء إذا غابت الأم وذلك تدريجيًّا بأن نحضر لها ألعابًا كثيرة
ونضعها لها أمامنا في الصالة مثلاً، وتحاول الأم تدرجيًّا أن تقوم قليلاً لأداء بعض المهام في البيت، وتعود لها بسرعة وتطيل المدة كل فترة، وإذا بكت الطفلة تحاول من الغرفة الأخرى أن تتحدث معها وتغني لها.
وكذلك يمكن الاستعانة بالمشاية التي يجلس الطفل فيها ويتحرك خلف الأم، وهذه
المشاية تعطيها إحساسًا بالحرية والاعتماد على النفس في الحركة والبعد قليلاً
عن الأم، وهكذا...
ليس هناك مشكلة وسلوكيات آية طبيعية في هذه السن.. هي فقط تحتاج للتعامل بهدوء وصبر.