هذه هى الأمومة
قد تشعرى بأنك أرهقتى , وربما لازمك هذا الشعور كثيراً , وأنك غير قادرة على التحمل ولا تحملى رغبة العطاء .. وترفضى هذا الشعور الذى ينبىء بثورة وغليان .. لتستمرى كأم .. نعم كأم صنع لها تمثال من رخام وحفر اسمها بعد الخالق فى قلب أبنائها .. وفى الطفولة كنتِ أنتِ المربى الذى عرفهم بربهم ورسولهم حافظى على هذا ولا تكونى أماً مكتوبة بقلم رصاص فى قلب أبنائك ليست الأمومة بالأمر اليسير ولكنها شعور لذيذ ..
كثيراً ما أسمع الأزواج يقولون ..عندما أقوم من نومي وآخذ حمامي وأحمل حقيبتي أو نفسي أو همومي وأخرج إلي عملي فإن كان هناك أبناء أضاف الزوج مشهداً فتقوم متثاقلة أو يضيف مشهداً أوقظ زوجتي والأبناء للمدرسة .. أو يضيف مشهداً فتقوم صارخة الأصوات توقظ الجيران ..أما المشهد الأخير قبل الخروج..أما مشهد نائمة نوماً عميقاً..أو مشهد الأبناء يبحثون عن جوارب المدرسة ..أو كتاب ..أو حذاء ..أو شكوى عدم نظافة الملابس ..أو مشهد خروج الأبناء لم يغسلوا وجهاً ولم يصففوا شعراً..ولم تسوك الأسنان ..أى أمومة هذه التي تتحدثى عنها
أما المشهد بعد خروج الزوج والأبناء ..إما محادثة هاتفية لمدة ثلاث ساعات مع الأم أو الصديقة أو الأخت ..أو نوم عميق ..أومشاهدة برامج الصباح .
وعندما يعود الأبناء ..ترمي الشنط عند مدخل الباب لتعوق الأب عند دخوله ..وترمي الأحذية.. ويلهث الأبناء بحثاً عن لقمة تسد الرمق قبل أن يحملوا دفاتر الدرس الخصوصي ..ويخرجوا لاهثين ثم يعودوا ليجدوا الأم تعد الغداء وهناك حالة طوارىء ويأتي الزوج.. وهنا يناقش أمام الأبناء كل ما حدث في هذا اليوم ..جو ديمقراطي ولا مانع في أن يتدخل الأبناء وينهرهم الآباء لتدخلهم في أمور خاصة ..أما مواعيد المسلسلات والبرامج الترفيهية والمناسبات فتحفظهم عن ظهر قلب ووقت المسلسل تجلس الزوجة تصرخ إذا تحدث أحد الأبناء وربما أمرتهم بمغادرة المكان إلي غرفة في المنزل يلعبوا فيها أياً كان لعبهم ..وأياً كانت النتيجة ..المهم أن نشاهد التلفاز أما إن كانت من السيدات اللائي يشعرن ويهتمون بالنظافة ..فإنها تريد منزلها وكأنه استوديو برامج تلفزيونيه طوال اليوم مسح للأرضيات والأثاث وصراخ في الأبناء لأن البث المباشر لعينها رأى شيئاً تحرك من مكانه ..أما إن كانت تهتم بالمطبخ ..فأوه..لاشيف ولا فتاة طبخ تنافسها ..فلا ميزانية سوى ميزانية المطبخ ولا شيء أهم من الثلاجة وغرفة التخزين..فمعرفتها لنوع السمن لا ينافسها فيه أحد وإختيارها لأسماك ومعرفة معادنها وكأنها إبنة صياد تربت في أعالي البحار ..أما إن كانت من سيدات الأسواق ..فاسألها عن فستان الفنانة التي إرتدت في المشهد الأخير ..
أو عن عنوان السوق ..وموعد التخفيضات...
أما إن كانت ذات دخل محدود فاسألها عن أفضل طرق ضرب الأبناء وأفضل 50 طريقه للنكد اليومي ...هل هذا دورك أيتها الأم العظيمة لا وألف لا...أنظري أين أبناؤك ..لقد كتبوا بقلم رصاص على جانب أحد صفحات إهتماماتك ...فقلتِ يمكنني أن أهتم بهم وقت الفاصل .. ويمكنني أن أهتم بهم بعد القيام من نومي ويمكنني أن أهتم بهم عند العودة من السوق..ويمكنني أن أهتم بهم أثناء ترك الطعام علي النار أقولها لك لا وألف لا ..لماذا تعلمت ..ولماذا إختار زوجك فتاة تعلمت في أفضل الجامعات أوفي مستوى تعليمي يميزها عن غيرها ..هل لقراءة الجرائد نيابة عنه..أم لقراءة رسائل الموبايل التي تأتيه ..أم لمعرفة الأسماء التي علي تليفونه ..أم لقراءة نوع العطر الذى خالط ملابسه ..إنه إختارك لتكوني عوناً في تربية الأبناء ..فتتعرفي علي سلوكياتهم ..وتساعدي في تقويمها وتهتمي بأبنائك ..وتتعرفي علي حاجاتهم ..إن الأمومة موضع فخر بحملك وإرضاعك وتربيتك وتحملك ألم المشقة وإن لاقيت جحوداً ستكوني راضية..لقد أكرمك الله بالأبناء ورفع مكانتك في جنته ووضع الجنة تحت أقدامك ..لتضمك أسرة يتحقق من خلا لها معني لوجودك ..ومبرر لحياتك..فترتيب المنزل ونظافته واجب عليك والقيام قبل الأبناء وإعداد ما يحتاجونه وتوديعهم والدعاء لهم ضرورة حياتيه ..وتعليمهم وضع كل شيء في مكانه والإهتمام بالمنزل ضرورة تربوية ...وتنظيم حياتك تبعاً لمتطلبات أبنائك فطرة سماوية ..وتعليم الأبناء ما ينفعهم وما يجب عليهم تجاه الله والمجتمع قيمة روحية ..يا أختاه إن الحظ والأبناء البررة والحياة السعيدة أحد رواسب الأداء الجيد والتصميم الذي لا تفله الأيام ..فاختبري سحر الحياة بمعرفة دورك الحقيقي ..تنفك عنك قيود المعوقات ..عندها لن تقبلي أن يبادلك أحد في هذه الحياة أياً كان هو وأياً كانت مكانته علي هذا الدور ..وهناك دائماً فرصة أخرى لتبدئى من جديد وفي أي لحظة تختاريها فليس الألم أن نهبط إلي أسفل إنما الألم الحقيقي أن نبقي أسفل .إن سعادة الإرتقاء لا تقل بأي حال عن سعادة الوصول إلي القمة.